قسمة عقارات التركة على الوَرَثة: بين التسوية الودية والقسمة القضائية
أكد سعادة القاضي بدر السميري في محاكم دبي أن إجراءات قسمة التركات في دولة الإمارات تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية إلى جانب القوانين المحلية المعمول بها، مشيراً إلى أن العملية تبدأ بتسوية التزامات المتوفى، بما في ذلك سداد الديون وتنفيذ الوصايا، قبل الانتقال إلى تقسيم ما تبقى من الأصول على الورثة، من بينها العقارات.
وأوضح القاضي السميري، أن قسمة عقارات التركة تتم بطريقتين رئيسيتين، الأولى هي القسمة الرضائية أو ما يعرف بالتسوية الودية، والتي تعتمد على اتفاق ورثة المتوفى حول تقسيم العقار بينهم دون حدوث خلافات. في هذه الحالة، يمكن للورثة إبرام اتفاقية صلح تحدد حصة كل وارث، مستعينين بنماذج اتفاقيات الصلح المعدة من قبل محكمة التركات والتي تُستخدم لتوثيق الاتفاق قانونياً.
وأضاف أن هذه الاتفاقية تُعرض على قاضي التحضير الذي يراجعها ويُسبغ عليها الصبغة التنفيذية لتصبح واجبة النفاذ، مما يعزز من استقرار الوضع القانوني للعقار بين الورثة. وإذا تعذر التوصل إلى اتفاق ودي، يُحال النزاع إلى قسم التسويات في محكمة التركات حيث تُعقد جلسة تسوية ودية لمحاولة إنهاء الخلاف.
أما الطريقة الثانية فهي القسمة القضائية، والتي تُلجأ إليها عند فشل التسوية الودية بين الورثة، حيث يحق لأي منهم تقديم طلب قسمة قضائية برفع دعوى في محكمة التركات. وأوضح القاضي السميري أن إجراءات هذه القسمة تشمل تسجيل الدعوى في مكتب إدارة الدعوى، ودراسة المحكمة للحالة، ومن ثم إصدار حكم إما ببيع العقار وتقسيم الثمن بين الورثة وفق أنصبتهم الشرعية، أو تخصيص العقار لأحد الورثة مع تعويض الآخرين نقداً.
وأشار القاضي إلى أن المرسوم رقم (31) لسنة 2023 جاء لتسهيل آليات وإجراءات قسمة التركات، إذ عدل بعض أحكام المرسوم رقم (23) لسنة 2020، ونظم بيع الورثة للعقارات السكنية في دبي. وأوضح أن من ضمن ما نص عليه المرسوم: “إذا كان العقار المتنازع عليه سكنياً ومملوكاً لمواطني دبي، فلا يتم اللجوء إلى المحكمة مباشرة، بل يُطلب من الورثة المتنازعين التوجّه إلى دائرة الأراضي والأملاك لتقديم طلب التصرف في العقار”. وتهدف هذه الخطوة إلى تسهيل عمليات البيع أو القسمة وتفادي إطالة أمد الإجراءات القضائية.
وأكد سعادة القاضي بدر السميري، أن قسمة عقارات التركة تعد من أكثر الإجراءات تعقيداً، خاصةً مع تعدد الورثة وتنوع مصالحهم، مما يجعل اللجوء إلى الحلول الودية هو الخيار الأفضل لتجنب النزاعات الطويلة. وفي حال استحالة الاتفاق، يوفر النظام القانوني في الإمارات آليات واضحة للفصل في مثل هذه المنازعات، مع مراعاة خصوصية العقارات السكنية في دبي.
وختم القاضي بالقول: “الالتزام بالقوانين يحفظ حقوق الجميع، ويدعو الجميع إلى أن يكونوا قانونيين في التعامل مع مثل هذه القضايا”.